هل تعلم أن تناول المرأة الحامل بداية الحمل لحمض الفوليك المتوفر في الصيدليات يقي الجنين من الإصابة بتشوهات خطيرة في الحبل الشوكي، وهل تعلم أنه تم الإعلان عن فلسطين خالية من مرض الثلاسيميا عام 2013، قد تبدو هاتين المعلومتين جديدتين على الكثيرين، لكن ماهي إلا معلومتان من بين مئات المعلومات التي يقدّمها مساق الوراثة والمجتمع لطلبته من مختلف تخصصات الجامعة وكلياتها.
إعتمدت جامعة النجاح الوطنية منذ مطلع الفصل الداسي الأول للعام الأكاديمي 2016_2017، مساقاً جديداً يسمى مساق الوراثة والمجتمع، ويندرج ضمن المساقات الإختيارية (المساقات الحرة) والتي تُحسب بواقع ساعتين دراسيتين في الخطة الدراسية ويمكن أن يختارها الطلبة من أي كلية في الجامعة باستثناء تخصصات كلية الطب وعلوم الصحة والتي يندرج منها المساق، كون هناك مساقاً أكثر تعمقاً ضمن خطط تلك المساقات يتناول نفس الموضوع.
المساق الذي يُطرح لأول مرة ضمت شعبته الوحيدة لهذا الفصل 41 طالباً وطالبةً من مختلف كليات الجامعة مثل: الشريعة والقانون والهندسة والإقتصاد والعلوم التربوية والآداب والفنون الجميلة والإعلام.
التعريف بالمساق..
ويتحدث المساق بشكل أساسي عن أمراض وراثية شائعة في مجتمعنا من حيث أسبابها، تشخيصها، علاجها، دمج المصابين بها في المجتمع وكيفية رعايتهم، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف عمل مدرس المساق بالتعاون مع عمادة كلية الطب و علوم الصحة وإدارة الجامعة على التواصل المباشر مع الجمعيات والمؤسسات المجتمعية المتخصصة بتلك الأمراض مثل: جمعية نزف الدم (الهيموفيليا)، وجمعية أصدقاء مرض الثلاسيميا، وجمعية الرحيم (متلازمة داون)، وجمعية المرابطات الخيرية للصم والبكم، فضلاً عن العديد من مستشفيات الوطن.
وتمثّل التواصل مع تلك الجمعيات في تنظيم زيارات ميدانية لطلبة المساق لتلك المؤسسات والجمعيات والتعرف على عملها والحالات التي تتعامل معها، كما تم إستضافة عدد من الشخصيات الممثلة لتلك المؤسسات حيث قدّموا محاضرات مفيدة لطلبة المساق حول الأمراض الوراثية.
كما تم ربط القضايا التي تخص الوراثة بتخصصات الجامعة المختلفة غير الطبية، وذلك بالإستفادة من كون طلبة المساق من مختلف كليات الجامعة وتخصصاتها فمثلاً تم ربط علم الوراثة بالميل لدى البعض للإجرام وربط الموضوع بكلية القانون، وربط قضايا الإجهاض الطبي بكلية الشريعة، وربط دور الإعلام في التوعية المجتمعية عن الأمراض الوراثية بتخصصات الإعلام في الجامعة.
فكرة المساق..
وقبل التعريف بفكرة المساق يجدر التعريف بمدرس المساق، أو الذي يُمكن اعتباره الأب الروحي للمساق، فمنه إنطلقت فكرة المساق حين بدأ بحملة توعية.
هو الدكتور مصطفى غانم، عضو هيئة التدريس في كلية الطب وعلوم الصحة، والحاصل على بكالوريوس طب عام من جامعة القدس ودكتوراة في علم الوراثة الطبي من جامعة باريس 6، والحاصل أيضاً على شهادة تدريب تخصصي في مجال الأمراض الوراثية من مستشفى ليل الجامعي التابع لجامعة ليل 2.
وفي تاريخ 21/3/2015 الذي يصادف اليوم العالمي لمتلازمة داون، أطلقت كلية الطب وعلوم الصحة في الجامعة وبتنسيق وإشراف من الدكتور غانم حملة بعنوان (أنا منكم ومكاني بينكم)، حيث هدفت الحملة إلى تسليط الضوء على واقع الأمراض الوراثية في فلسطين.
الحملة لاقت رواجاً كبيراً داخل الجامعة وخارجها، وكان من أهم نتائج تلك الحملة تقديم إقتراح لإدارة الجامعة لعمل مساق اختياري بعنوان (الوراثة والمجتمع) للتخصصات غير الطبية.
ريقة تقديم المساق..
ويوضح لنا الدكتور غانم أن طريقة طرح المساق متنوعة ولا تتبع القالب التلقيني مما يزيد من تفاعل الطلبة مع المساق ونيلهم الفائدة الأكبر، حيث يتضمن المساق أسلوب المحاضرة التقليدي عبر عدد من المحاضرات ولكن هذا الجزء من المساق لم يكن الجزء الأكبر أو الأهم.
كما تضمن المساق استضافة ممثلي الجمعيات والمتخصصين ذو الصلة بالمواضيع وافساح المجال لهم للحديث والنقاش مع طلبة المساق بشكل مباشر، كما تضمن زيارة الطلبة مع مدرس لمساق لعدد من المؤسسات المختصة ليشاهدوا على أرض الواقع خدمات هذه المؤسسات مثل زيارة معهد النجاح للطفولة وزيارة جمعية المرابطات الخيرية للصم والبكم في قلقيلية.
كما شكل الطلبة جزء رئيسي في المساق مما جعل عملية نقل المعلومات فيه باتجاهين، حيث تم افساح المجال أمام الطلبة لإلقاء محاضرات بأنفسهم عن مواضيع تخص المساق ولها صلة بتخصصاتهم فعلى سبيل المثال لا الحصر قام طلبة من الهندسة بتقديم محاضرة عن الهندسة الوراثية وتطبيقاتها، كما قام طلبة من تخصصات الإعلام بتقديم محاضرة عن الشق الشوكي.
مميزات المساق..
يُعتبر مساق الوراثة والمجتمع مساقاً مجتمعياً توعوياً بامتياز ولا يستهدف طلبة المساق فقط بل يستهدف المجتمع ككل، ويتميّز المساق بأنه مساق إلكتروني على موقع مودل الخاص بالجامعة وله صفحة على الفيسبوك.
كما أن مساق الوراثة والمجتمع سيكون ثاني مساق إلكتروني مفتوح ستطلقه الجامعة لكل البلدان أو ما يُعرف ب (MOOC) من خلال مركز التعلم الإلكتروني في الجامعة، علماً أن أول مساق قد أطلقته الجامعة كان بعنوان (اكتشف فلسطين).
كما سيكون لمساق الوراثة والمجتمع زاوية خاصة في المؤتمر الثاني للتعلم الرقمي الذي ستنظمه الجامعة في شهر آذار من العام القادم.
وبما أن المساق مجتمعي توعوي يهدف لإيصال المعلومة لأكبر شريحة ممكنة من المجتمع، فقد تم نشر أخباره بشكل دوري عبر وسائل الإعلام المختلفة ابتداءً من موقع الجامعة الإلكتروني وصفحتها الرسمية على الفيسبوك.
الدكتور بلال رحال مدير دائرة العلوم الطبية الحيوية في كلية الطب وعلوم الصحة التي تطرح المساق أشار الى أن تبني المساق جاء كجزء من رؤية الدائرة في بث التوعية الصحية في المجتمع وأكد حرصه على دعم استمرارية المساق في ايصال رسالته وأهدافه.
شكر..
ويقدّم الدكتور مصطفى غانم شكره للعديد من الجهات التي ساهمت في إنجاح المساق حيث يعتبر أن هذا النجاح جاء بجهد جماعي وليس فردي، حيث يقدّم شكره لإدارة الجامعة ممثلة بالأستاذ الدكتور ماهر النتشة، القائم بأعمال رئيس الجامعة، و الدكتور محمد العملة، النائب الأكاديمي، لتفهمهم السريع لفكرة المساق واعتماده، كما يشكر مكتب مساعد رئيس الجامعة للشؤون المجتمعية ممثلاً بالدكتور عدنان ملحم لمساهمته في إنجاح العديد من أنشطة المساق، وعمادة كلية الطب وعلوم الصحة ممثلة بالدكتور عماد دويكات، عميد الكلية، والتي أزالت كل العوائق في سبيل اعتماد المساق ونشاطاته، ومؤسسات المجتمع المحلي التي شكلت شراكة مهمة في المساق.
و لا ينسى الدكتور غانم أن يشكر طلبة المساق الذين كان لهم بصمات واضحة في انجاح تجربته الأولى من خلال جديتهم و تفاعلهم و نشاطهم وحملهم لرسالة المساق والذي أتى عن قناعتهم به وإيمانهم بأهدافه.
على الفصل الدراسي الثاني طرحت الجامعة ثلاث شعب لمساق الوراثة والمجتمع، وشهدت تلك الشعب إقبالاً للتسجيل فيها من قبل طلبة الجامعة، الأمر الذي إن دل على شيء فإنما يدل على نجاح المساق في إيصال رسالته السامية للمجتمع.
لمزيد من العلومات عن المساق بامكانكم مشاهدة الفيديو على الرابط التالي:
